خبراء: خدمات الانترنت.. خداع في وضح النهار

30 أكتوبر 2009 00:39
صدم المهندس عادل عساف، عندما وجد أن خدمة الانترنت التي اشترك بها لا تمكنه من التواصل مع الشبكة العنكبوتية بالشكل الذي توقعه، على الرغم من دفعه مبلغا "محترما".

وأضاف المهندس عساف الذي يعمل في مجال الإنشاءات: ان "طبيعة عملي تتطلب الاطلاع على آخر التطورات في مجال التصاميم والرسومات الهندسية، ووجدت على الانترنت ضالتي، إلا أن ضعف الخطوط، وتعطلها بشكل دائم، افسد علي عملي".

وزاد: اشتركت مع إحدى اكبر الشركات المزودة لهذه الخدمة واخترت عرضا بسرعة 2 ميجا، بحسب العقد، إلا إنني فوجئت بعد فحص الخط عن طريق احد المواقع الالكترونية، ان سرعة الخط لا تتجاوز ربع السرعة التي اشتركت بها، وفكرت بمقاضاة الشركة، إلا أنني وبعد قراءة الشروط الموجودة خلف وثيقة العقد، وبالاستعانة بعدسة مكبرة! حيث الخط لا يقرأ بالعين المجردة لصغر حجمه، مع أن هناك متسعا على ورقة العقد لكتابة الشروط بشكل واضح وبحرف أكبر، وجدت أن الشركة غير مسؤولة عن التذبذب في سرعة الخط، كما وجدت شروطا أخرى اقل ما توصف به أنها إذعانية ومطاطة.

إلا أن قصة السيدة "أم لؤي" تبدو أكثر طرافة، حيث قالت ضاحكة لـ "الحقيقة الدولية": ان زوجي يعمل خارج الأردن، ونتواصل معا بواسطة الانترنت، إلا أن الانقطاع المستمر للشبكة أثناء حديثي معه، جعل زوجي يشك باني أغلق الخط في وجهه، واحتجت لشيء من الجهد والوقت لأقنعه أن سبب الانقطاع يعود إلى سوء خدمات الشركة التي تزودنا بالانترنت.

حال المهندس عادل عساف والسيدة "أم لؤي" هو حال أكثر من مليون ونصف المليون مستخدم يعانون من ضعف خدمات الانترنت في الأردن، وانقطاعها بشكل متكرر، ناهيك عن الاحتيال الذي تمارسه بعض الشركات المزودة لهذه الخدمة، وذلك من خلال عدم التزامها بسرعة الخط المتفق عليه مع مشتركيها.

ويفسر لنا طارق يونس خليل المختص في قطاع الانترنت ومدير قطاع الـ IT في شركة "صلات" لتقنية المعلومات، أسباب ضعف سرعة الانترنت في الأردن فيقول: أهم هذه الأسباب ضعف البنية التحتية التقنية لشركة الاتصالات الأردنية، والمشاكل التقنية في محطة استقبال هاشم 1 و2، وهي الموزع الرئيسي لخدمات الانترنت في الأردن.

وحول مسؤولية الشركات المزودة للخدمة عن ضعف الانترنت قال: ان كل شركة من هذه الشركات لديها نوعان من الخطوط: الأول: وهو الخط الخاص، والذي لا تنخفض فيه سرعة الانترنت، وتلتزم فيه الشركة المزودة بتزويد العميل، بسرعة ثابتة، على مدار الساعة، وهذا النظام مكلف، حيث تصل قيمة اشتراكه السنوي من 1600 إلى 3000 دينار بحسب السرعة، وهذا النظام اقل انتشارا بسبب تكلفته العالية. أما النظام الآخر فيسمى نظام الـ "شير" وتعمل به الشركات على مبدأ يسمى "POOLING"، وهذا المبدأ أشبه بالبِرْكة، إذ تقوم الشركة بشبك عدد كبير من المشتركين على خط واحد، ولنفترض أن سعة تبادل البيانات على هذا الخط كانت 1 ميجا، فان هذه السعة تتوزع على جميع المشتركين على هذا الخط مهما بلغ عددهم، وبالتالي كلما زاد العدد، انخفضت السرعة، وهذا ما يشكو منه المشتركون.

وحول مسؤولية الشركات عن التزامها بتزويد المشترك، بالسرعة المتفق عليها في العقد، قال خليل: ان هذه الشركات تضيف بندا على عقد الخدمة، وبخط صغير غير واضح خلف العقد، يعفيها من المسؤولية، في حالة نزول سرعة خط الانترنت عن المتفق عليه.

وعن الدعم الفني التي تقدمه الشركات المزودة للانترنت في الأردن للمشتركين، أوضح خليل، أن مختلف الشركات في دول العالم تقدم دعما فنيا على مدار الساعة (24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع) وبشكل مجاني على الأغلب، إلا في الأردن فان هذا الدعم غير متوفر، وان توفر يكون أحيانا مدفوع الثمن، على شكل احتساب قيمة المكالمة وحسب السعر الذي تحدده الشركة، وهذه مفارقة غريبة، إذ الأوْلى أن يقوم المتضرر الذي هو المشترك، بمحاسبة الشركة المزودة في حالة انقطاع الخدمة وليس العكس، بتغريمه قيمة الاتصال.

وطالب خليل الشركات المزودة للانترنت وشركة الاتصالات الأردنية، بالتوقف عن تحميل كل منهما المسؤولية للآخر، بسبب ضعف خطوط الانترنت، والعمل معا في سبيل تجاوز المشكلات، من اجل سلامة هذا القطاع والمستثمرين فيه.

من جانبه أكد المهندس حسام سرداح مدير النظم الفنية في الأكاديمية الملكية، أن ضعف شبكة الانترنت في المملكة عائد إلى ضعف التجهيزات والبنية التحتية الفنية، لدى شركة الاتصالات الأردنية.

وأضاف أن هناك بعض الشركات القوية والضعيفة في مجال تزويد الانترنت، فعلى سبيل المثال، تقوم بعض الشركات بشراء 1 ميجا وتقوم بتوزيعها على خمسة مشتركين، وهذا طبعا، سوف يؤدي إلى ضعف في سرعة الانترنت.

كما أن طول الكابل بين المزود والمشترك يؤثر على سرعة تبادل المعلومات في حالة الانترنت السلكي، كما يؤثر بعد المشترك عن برج البث في حالة التبادل اللاسلكي.

ولفت سرداح إلى أن عدم حصول المشترك على السرعة المتفق عليها، في العقد بينه وبين المزود يعتبر نوعا من الخداع، ولكن المشتركين اعتادوا على هذا النوع من السلوك، إما لعدم معرفتهم بحقوقهم، أو لمللهم من المتابعة المستمرة لهذه المشكلة.

رائد نشيوات مدير شركة كليك جوردان، قال: أنا احد المتضررين من بطء سرعة النت، حيث يوجد المقر الرئيسي للشركة في منطقة الصويفية، والتي ترتبط مع مقسم وادي السير، وهذا المقسم لا يحتمل فنيا إلا سرعة واحد ميجا، بسبب قدم تجهيزاته، وبالتالي مهما كانت سرعة الانترنت لدى الشركة المزودة، فستبقى محكومة بقدرة المقسم.

وأكد أن هذا الأمر يسبب له أضرارا، حيث ان انجاز العمل الذي يحتاج إلى نصف ساعة، يستهلك ساعة كاملة بسبب بطء الخطوط.

وبين "حانا" شركة الاتصالات الأردنية و "مانا" الشركات المزودة للانترنت، ينتظر المواطن الذي دفع ما هو مطلوب منه، الحصول على الخدمة بشكلها الصحيح، بعيدا عن الفهلوة وسياسة الضحك على الذقون التي يمارسها البعض..

الحقيقة الدولية